الأربعاء، 27 مايو 2015

عالم آثار إسرائيلي يشكك في فكرة أرض الميعاد





هل إسرائيل أرض الميعاد

تصور إحدى أعظم قصص التوراة: موسى عليه السلام، البالغ من العمر مئة وعشرين عاما، ينظر إلى أرض الميعاد، قائدا قومه، الإسرائيليين، لمدة أربعين عاما في رحلة استثنائية من العبودية في مصر عبر صحراء سيناء القاحلة إلى فلسطين
وتقول القصة التوراتية إن النبي المسن مات، بمجرد أن لمح مدينة أريحا العريقة. لكن خليفته المختار يوشع واصل المسير لفتح المدينة والاستيلاء على فلسطين

ماذا لو أن هذه القصة لم تحدث على الإطلاق؟
إن أريحا، وهي أول مدينة مسوَّرة في العالم، لا تزال قائمة. وقد بحث علماء الآثار في بقاياها خلال القرن التاسع عشر وكشفوا أدلة تتعلق على الأقل بمراحل احتلالها الثلاث والعشرين. وكشفت الآثار تاريخا من الازدهار والانحطاط والاستعمار
لا توجد أدلة
ورغم كل أعمال الحفر والبحث فإن علماء الآثار لم يجدوا أي دليل على أن جدران أريحا الضعيفة انهارت كما وصفها يوشع في القصة التوراتية

هل رأى موسى حقا مدينة أريحا التاريخية
وليس هذا فحسب ولكن ليس هناك ما يدعم قصة المعجزة العظيمة التي تلي انهيار جدران أريحا كما ترويها التوراة
كما لم يعثر في الحفريات على أي إشارة لشخصيات داود أو اسحق أو يعقوب أو دليل على عبودية اليهود في مصر
البروفيسور زائيف هرتزوج عالم في الآثار من جامعة تل أبيب شارك في كل أعمال الحفر في طول البلد وعرضه. وهو يقول إن كل الأحداث المذكورة في التوراة تتناقض تماما مع ما توصل إليه علماء الآثار

البروفيسور هرتزوج: علينا أن لا نواصل البحث عن دليل هو غير موجود أصلا
ويضيف البروفيسور هرتزوج أن هذه القصص لم تحدث في الحقيقة على مستوى شامل. ربما كان لبعضها أصل في تاريخ عائلات محلية قليلة، لكنها عُممت لاحقا لتصبح قصة شاملة لها أوصاف متماسكة
لقد حاول علماء الآثار الإسرائيليون لعقود من الزمن أن يبرهنوا على أن التوراة تبرر عودة اليهود إلى أرضهم القديمة.
فقد أصبحت الحفريات الأثرية بغرض العثور على دليل يؤكد حق اليهود في أرض الميعاد، هوسا عاما في إسرائيل، وجزءا من عملية بناء الدولة.

حان وقت التقييم
هناك دليل كاف على أن اليهود احتلوا فلسطين قبل ثلاثة آلاف سنة، لكن قدومهم إلى فلسطين كان هجرة وليس غزوا. ويقول البروفيسور هرتزوج إن الوقت قد حان للتوقف عن البحث عن شيء لم يكن موجودا.
ويضيف هرتزوج أنه بعد مرور سنين عديدة على تأسيس إسرائيل، تطورت في البلد ثقافة إسرائيلية وأصبح الإسرائيليون في موقع يؤهلهم لأن يبحثوا عن الدليل بطريقة نقدية وليس القبول بالأساطير المسجلة في التوراة واعتبارها حقائق تاريخية
قضية مثيرة للجدل
ليس غريبا أن تثير استنتاجات البروفيسور هرتزوج، التي تتزامن مع محاولات إعادة تقييم التاريخ اليهودي، ضجة في إسرائيل

الحاخام سبيرو قلق من الطعن في صحة التوراة
ويعترف الحاخام كن سبيرو الذي يجلب طلاب الدين اليهود من كل أنحاء العالم إلى أريحا بأن الدليل العلمي والأثري على صحة القصص اليهودية مهلهل أو ضعيف على الأقل
لكنه يجادل بأن نقص الدليل ليس دليلا على النقص، على حد تعبيره. ويعتقد الحاخام سبيرو أن ما يقوم به البروفيسور هرتزوج خطير جدا على إسرائيل
فعندما يقوم أحد بالتشكيك في تاريخ التوراة وصدق ما تنقله من قصص فإن هذا يعني أنها أسطورة وأنه ليس لليهود الحق أكثر من غيرهم في العيش هنا في فلسطين

رموز التوراة القديمة تنتشر في كل مكان في إسرائيل
أما بالنسبة للمستوطنين اليهود الذين يؤسسون حقهم في احتلال فلسطين على التوراة والوجود اليهودي القديم في فلسطين، فإن الأدلة التي جاء بها البروفيسور هرتزوج تسبب لهم مشكلة كبيرة
وقد تجمع الكثير من المستوطنين أخيرا في مستوطنة ألون شفوت لمناقشة الأدلة الجديدة مع البروفيسور هرتزوج، ورغم أن المستوطنين رحبوا به فإن وضعه لا يخلو من خطورة
ويعلق نعوم عرنون، الذي يمثل المتشددين اليهود الذين يعيشون في مدينة الخليل في قلب فلسطين، بالقول إن نبي اليهود إبراهيم سيبقى ذكره طويلا بعد أن يطوي النسيان البروفيسور هرتزوج

هذه الأرض هي أرض إسرائيل
ويقول عرنون إن الشك في بعض الحقائق الصغيرة لا يغير أفكار الكثيرين هنا بأن هذا البلد هو أرض إسرائيل الحقيقية وأن مهمتهم الأساسية هي إعمارها والاستيطان فيها.
ويذهب بعض النقاد أبعد من ذلك، فهم يشمون رائحة مؤامرة سياسية ضد إسرائيل. فقد وصف عضو البرلمان الإسرائيلي تومي لابيد استنتاجات البروفيسور هرتزوج بأنها كره لإسرائيل. ويقول إن هناك دافعا سياسيا وراء ذلك، وهذا هو عداء اليساريين المتطرفين للصهيونية. وقال إن محاولات البرهنة على أن التوراة غير صحيحة هي محاولات للبرهنة على أن إسرائيل على خطأ يبدو من المؤكد أن الجدال حول أي القصص التوراتية حقيقة تاريخية وأيها أسطورة سوف يستمر
B.B.C

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق